فصل: تفسير الآيات (26- 28):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير آيات الأحكام



.تفسير الآيات (26- 28):

قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (28)}.
مثل هذا التركيب {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} وقع في كلام العرب قديما، ومعلوم أنّه يمتنع أو يضعف دخول اللام على المفعول المتأخر عن فعله المتعدي، وقد خرّجه النحاة على مذاهب، فمذهب سيبويه وجمهور البصريين أن مفعول {يُرِيدُ} محذوف، واللام للتعليل. والتقدير: يريد الله تحليل ما أحل، وتحريم ما حرم، ليبين لكم.
وذهب بعض البصريين إلى أنّ الفعل مؤوّل بمصدر من غير سابك، على حد: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) والتقدير: إرادة الله كائنة للتبيين.
وذهب الكوفيون إلى أنّ اللام ناصبة للفعل، وأنها تقوم مقام أن في فعل الإرادة والأمر، فيقال: أردت أن تذهب، وأردت لتذهب، وأمرتك أن تقوم، وأمرتك لتقوم، وعليه قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصف: 8] يعني يريدون أن يطفئوا، ومثله: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ} [الأنعام: 71] أي أمرنا أن نسلم.
والمعنى: يريد الله بإنزال هذه الآيات أن يبيّن لكم التكاليف، ويميّز فيها الحلال من الحرام والحسن من القبيح.
{وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي يهديكم مناهج من تقدّمكم من الأنبياء الصالحين، لتقفوا أثرهم، وتهتدوا بهداهم، وليس المراد أنّ جميع ما شرع لنا من الحلال كان مشروعا بعينه للأمم السابقين كذلك، بل المراد أنّ الله كما قد شرع للأمم السابقين من الأحكام ما بهم حاجة إليه، وما اقتضته مصالحهم، كذلك شرع لنا ما بنا الحاجة إليه، وما تدعو إليه مصالحنا، فإنّ الشرائع والتكاليف وإن كانت مختلفة في أنفسها إلا أنها متفقة في باب المصالح.
{وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} التوبة ترك الذنب، مع الندم والعزم على عدم العود، وذلك مما يستحيل إسناده إلى الله تعالى، فلابد من تأويل فيه، فإما أن يراد من التوبة المغفرة مجازا لتسببها عنها، وذلك مراد من قال: معنى {وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} يقبل توبتكم، وإما أن يراد من التوبة الإرشاد إلى ما يمنع عن المعاصي أو الإرشاد إلى ما يكفّرها.
واختار المحققون من العلماء أن الخطاب ليس عاما لجميع المكلفين، بل لطائفة معيّنة قد تاب الله عليهم في نكاح الأمهات والبنات، وسائر المنهيات المذكورة في هذه الآيات، وحصلت لهم هذه التوبة بالفعل.
والذي دعاهم إلى تخصيص هذا الخطاب أنه لو كان عاما لعارضه تخلف المراد عن الإرادة، وهي علّة تامة، فلا يدفع هذا التعارض إلى تخصيص الخطاب.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} يعني والله ذو علم شامل لجميع الأشياء، فيعلم ما شرع لكم من الأحكام، وما سلكه المهتدون من الأمم قبلكم، وما ينفع عباده المؤمنين وما يضرهم، وهو حكيم يراعي في جميع أفعاله الحكمة والمصلحة، فيبيّن لمن يشاء، ويهدي من يشاء، ويتوب على من يشاء.

.تفسير الآية رقم (27):

قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً (27)}.
الجملة الأولى مؤكّدة لقوله تعالى: {وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} والمراد بالذين يتبعون الشهوات الفسقة المنهمكون في المعاصي. وقيل: هم اليهود والنصارى، وقيل: هم المجوس كانوا يحلّون الأخوات وبنات الإخوة والأخوات، فلما حرّمهنّ الله تعالى قالوا: إنكم تحلون بنت الخالة والعمة، مع أنّ الخالة والعمة عليكم حرام، فانكحوا أيضا بنات الأخ والأخت، فكانوا يريدون أن يضل المؤمنون فنزلت هذه الآية.
والميل العظيم هو الانحراف عن الحق إلى الباطل، ولا شكّ أنه عظيم بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة على ندرة، واعترف بأنّها خطيئة، ولم يستحلّها.
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} في جميع التكاليف إحسانا منه إليكم، ونظيره قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157] وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقوله: {وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
وقوله عليه الصلاة والسلام: «جئتكم بالحنيفية السمحة».
وذلك لأنه وإن حرّم علينا ما ذكر تحريمه من النساء، فقد أباح لنا غيرهن من سائر النساء، تارة بالنكاح، وتارة بملك اليمين، وكذلك جميع المحرمات، قد أباح لنا من جنسها أضعاف ما حظر، فجعل لنا مندوحة عن الحرام بما أباح من الحلال.
وهذه الآيات يحتجّ بها في المصير إلى التخفيف فيما اختلف فيه الفقهاء، وسوّغوا فيه الاجتهاد، ومن شمائله صلّى الله عليه وسلّم أنه ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
{وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً} يستميله هواه وشهوته، ويستشيطه خوفه وحزنه، فهو عاجز عن مخالفة الهوى، وتحمّل مشاق الطاعة، فلذلك خفّف الله عنه في التكاليف، ورخّص له في كثير من الأحكام.
وروي عن ابن عباس أنه قال: ثماني آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ}، {ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ}.

.تفسير الآيات (29- 30):

قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)}.
ينهى الله كل أحد من المؤمنين عن أكل مال غيره بالباطل، وعن أكل مال نفسه بالباطل، لأنّ قوله تعالى: {أَمْوالَكُمْ} يقع على مال نفسه ومال غيره، وأكل مال نفسه بالباطل إنفاقه في المعاصي، وأكل مال غيره بالباطل فيه وجهان:
أحدهما: ما قاله السدي: وهو أن يأكل بالربا والقمار والبخس والظلم. فالباطل ما يخالف الشرع.
وثانيهما: ما قاله ابن عباس والحسن وهو أن يأكل بغير عوض، فالباطل كل ما يؤخذ بغير عوض.
وقد تضمن الأكل بالباطل أكل أبدال العقود الفاسدة، كبيع ما لا يملك، وكمن اشترى شيئا من المأكول فوجده فاسدا لا ينتفع به، كالجوز والبيض والبطيخ، فيكون أكل ثمنه أكل مال بالباطل. وكذلك ثمن كل ما لا قيمة له ولا ينتفع به كالقردة والخنازير والذباب والزنابير والميتة والخمر، وكذلك أجرة النائحة وآلة اللهو.
هذا يدلّ على أنّ من باع بيعا فاسدا وأخذ ثمنه أنه منهي عن أكل ثمنه، وعليه رده.
وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً} الاستثناء فيه منقطع.
وقرأ الكوفيون بنصب تجارة، وعليها يكون اسم {تَكُونَ} عائدا على الأموال، أي: إلا أنّ تكون الأموال المتداولة بينكم تجارة صادرة عن تراض منكم.
وقرأ الباقون برفع تجارة، وحاصل المعنى: لا تقصدوا أكل الأموال بالباطل، لكن اقصدوا كون الأموال تجارة عن تراض، أو لكن اقصدوا وقوع تجارة عن تراض.
والتجارة اسم يقع على عقود المعاوضات، المقصود بها طلب الأرباح، وخصّها بالذكر من بين سائر أسباب الملك لكونها أغلب وقوعا، وأوفق لذي المروءات.
أخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أطيب الكسب كسب التجار: الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا».
وقد دلّ ظاهر قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ} على إباحة جميع أنواع التجارات ما حصل التراضي بين المتعاقدين، إلا أنه قد خص منها أشياء بنصّ الكتاب، وأشياء بسنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: فالخمر والميتة ولحم الخنزير وسائر المحرمات في الكتاب لا يجوز الاتجار فيها، لأنّ إطلاق لفظ التحريم يقتضي أنّ سائر وجوه الانتفاع محرّمة، ولأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جعل النهي عن الشحوم نهيا عن أكل ثمنها، ففي الحديث: «لعن الله اليهود حرّم عليهم الشحوم فباعوها، فأكلوا ثمنها».
ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن بيع المنابذة، والملامسة، وبيع الحصاة وبيع الغرر، وبيع العبد الآبق، وبيع ما لم يقبض، وبيع ما ليس عند الإنسان، ونحوها من البيوعات المجهولة والمعقودة على غرر. كل ذلك ونحوه مخصوص من ظاهر قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ}.
وظاهر الآية يشهد للحنفية والمالكية ومن نفى خيار المجلس، لأنّ الآية تقتضي حلّ التصرف في المبيع بوقوع البيع عن تراض، سواء تفرّق المتبايعان أم لم يتفرقا، فإنّ الذي يسمى تجارة في عقد البيع إنما هو الإيجاب والقبول. وليس التفرّق والاجتماع من التجارة في شيء.
والقائلون بخيار المجلس ومنهم الشافعي والثوري والليث وغيرهم يقولون: إن الآية مخصوصة بما رواه البخاري وغيره من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «البيّعان كلّ واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار».
كما خصصت بأحاديث النهي عن البيوع الباطلة، فيما تقدم.
{وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} لما كان المال شقيق الروح من حيث إنه سبب قوامها، وبه صلاحها، حسن الجمع بين التوصية بحفظ المال، والتوصية بحفظ النفس.
وظاهر قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} النهي عن أن يقتل المؤمن نفسه، وعلى هذا الظاهر اقتصر البلخي فقال: المراد النهي عن قتل الإنسان نفسه في حال غضب أو ضجر.
ونظير ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم».
ولكن جمهور المفسرين على أن المعنى: لا يقتل بعضكم بعضا، وإنما قال: {أَنْفُسَكُمْ} مبالغة في الزجر، وقد ورد في الحديث: «المؤمنون كالنفس الواحدة».
ولأنّ العرب يقولون: قتلنا ورب الكعبة إذا قتل بعضهم، لأن قتل بعضهم يجري مجرى قتلهم.
وأنكر بعض الناس قول البلخي، وقال: إن المؤمن مع إيمانه لا يجوز أن ينهى عن قتل نفسه، لأنه ملجأ إلى ألا يقتل نفسه، وذلك لأنّ الصارف عنه في الدنيا قائم، وهو الألم الشديد والذم العظيم، والصارف عنه أيضا في الآخرة قائم، وهو استحقاق العذاب الشديد.
وإذا كان الصارف خالصا امتنع منه أن يقتل نفسه، وإذا كان كذلك لم يكن للنهي عنه فائدة.
وهذا غير سديد، لأنّ قتل النفس ما لم ينه عنه لا يعلم أنه يوجب العذاب الأليم في الآخرة، وربما تخيّل الإنسان أن نفسه ملكه، فإذا بخع نفسه فلا عقوبة عليه، إذ هو لم يعتد على غيره.
وكم من مؤمن بالله واليوم الآخر يلحقه من الغم والأذية ما يظنّ معه أن القتل عليه أسهل، وإذا كان كذلك كان في النهي عن قتل الإنسان نفسه فائدة أي فائدة، لاسيما في عصرنا الحاضر، حيث ضعف إيمان الناس، وغلب عليهم حبّ الدنيا، واستهوتهم الشهوات، وسرت إليهم عدوى الانتحار، فترى الواحد منهم يفضّل أن يقتل نفسه لدريهمات خسرها في تجارته، أو لخلاف بينه وبين زوجته، أو لضيق ذات يده أو لأنّ فلانا رفض خطبته أو ما أشبه ذلك من توافه الأمور.
ولا مانع من أن تكون الآية نهيا عن قتل أنفسهم، وعن قتل بعضهم بعضا، وعما يؤدي إلى ذلك: كتناول المخدرات، واستعمال السموم الضارة بالجسم، والمجازفة فيما يخشى منه الهلاك.
أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: لما بعثني النبي صلّى الله عليه وسلّم عام ذات السلاسل احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر ذلك له، فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب»؟
قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} الآية فتيممت، ثم صليت، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يقل شيئا.
ففهم عمرو رضي الله عنه أنّ الآية تتناول بعمومها مثل حالته، وأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً} تعليل للنهي، أي إنما ينهاكم عن أكل الحرام وإهلاك الأنفس، لأنه لم يزل بكم رحيما.
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)}.
المشار إليه أقرب مذكور، وهو قتل النفس. روي ذلك عن عطاء، وقيل: هو وما قبله.
وقيل: مجموع ما تقدم من المحرّمات من قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً} [النساء: 19] إلى هنا، وقيل: من أول السورة إلى هنا.
والعدوان: الإفراط في مجاوزة الحد، وأصل الظلم النقص والجور ومجاوزة الحد، فقيل: المراد بالظلم هنا قصد التعدي على حدود الله، وهو كفر.
وقيل المراد: بالعدوان والظلم معنى واحد، ودفع التكرار بأن المراد بالعدوان التعدي على الغير، وبالظلم ظلم النفس بتعريضها للعقاب.
والمعنى: أن من يفعل ذلك المحرم حال كونه ذا عدوان وظلم عاقبه الله على ذلك في الآخرة بإدخاله نارا شديدة الإحراق، وإدخاله النار أمر هيّن على الله، لا يمنعه منه مانع.